الرائعة ساره
ردا علي هذا المقال السلبق واثناء تجوالي في الشبكة العنكبوتية وجدت هذا البيان وهو لأبناء دارفور المقيمين بالخارج
الصراع لا يتعدا الاطار القبلي وليس تطهيرا عرقيا
يكشف البيان التالي الذي وقع عليه عدد من ابناء دارفور في العام 2002 حقيقة الاوضاع والاسباب التي فجرت الاوضاع بالاقليم كونه صراع قبلي على الماء ولم يكن ابدا صراعاً قامت به الحكومة السودانية ضد القبائل غير العربية في الاقليم الذين لا يشكلون اقل من 10% من اهالي دارفور العرب؛ فالتاريخ يشهد التصارع القبلي بين القبائل في دارفور كونه اساس الازمة في دارفور وليس تطهيراً عرقيا كما ادعت المنظمات الدولية والدول الغربية كما يشير البيان التالي
قال الله عز وجل [ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله آياته لعلكم تهتدون…]. صدق الله العظيم
نحن أبناء دارفور بدول المهجر نتوجه بهذا النداء لأهلنا في دارفور وقلوبنا تتقطع ألماً ونحن نشاهد كل يوم ما آل إليه الحال في اقليمنا الحبيب من نزاعات قبلية مؤسفة وصدامات دامية راح ضحيتها المئات من مواطني دار فور، رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً وأطفالا. فأحداث عديلة في المنطقة الشرقية في شهر، مايو 2002، ما تزال ماثلة للعيان وقبلها بشهر أو اقلّ حوادث أم حرازة في غرب جبل مرة وشوبة بالقرب من كبكابية وهبيلا شرق الجنينة. لقد شهد تاريخ الاقتتال القبلي في دارفور صراعاً دامياً بين القبائل المختلفة في الإقليم. فعلى سبيل المثال لا الحصر، كان هناك اقتتالٌ بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا (1968) ، السلامات والتعايشة (1980)، البني هلبا والمهرية (1980), الزغاوة والقمر (1990), والزغاوة والبرقد (1991). ولكن أمرّ هذه الحر وبات وأكثرها تعقيداً وضراوة هي تلك التي أخذت طابع "العرب" و "الزرقة" (العرب والفور، منذ أواخر الثمانينات؛ المساليت والعرب، منذ أواخر التسعينات) إذ أنها هدّدت ولا تزال تهدّد الإقليم بانقسام أهله إلى فريقين يشايع كل منهما قبيله، ويستقطب غيرهم، على أساس عنصري/عرقي. إن التباغض على هذا الأساس مؤدٍ بنا إلى هلاك، لا محالة. فالنتيجة دائماً حرقٌ للزرع والضرع، وسفكٌ للدم وحصدٌ للأرواح، فلا منجاةَ لأحدٍ ولا مغنم.
نقول لأهلنا في دارفور لن ينفعنا أن يستنفر كلٌّ أخاه ليتربص بمن يرى أو يتوهم فيهم العداوة من جيرانه وشركاء عيشه، ويرصد لهم كلَّ مرصد لتحقيق ثأر موهوم أو نيل مغنم مزعوم. إنْ نفعل، فكلّنا في نهاية الأمر خاسرون. ولكن يفيدنا أن ننهض جميعاً لتعمير دارفور وتنميتها بترسيخ التعايش السلمي مثلما ينهض لذلك الواجب أبناء الأقاليم الأخرى، فلسنا أقلّ مواردَ، ولسنا أقل حكمة، وفوق هذا وذاك، دعونا نبرهن على أننا لسنا أقلَّ إخلاصاً أو أسلم نيّة. ومن هنا نناشد أهلنا في دارفور بمختلف قبائلهم بأن يتحلوا بروح الشجاعة والتسامح وينهجوا سبيل الوفاق والجودية لحلّ مشاكل الجوار والتعايش. أيضاً نناشد أبناء الإقليم من مثقفين وقيادات شعبية وسياسية وفئوية ورجالات إدارة أهلية ورجال دين وممثلي دارفور في العمل الوطني العام أن يعملوا بكل جد وإخلاص مع أهليهم، الرعاة والمزارعين، على وقف نزيف الدم والموارد الذي تسببه هذه الصراعات المريرة، وأن يهبوا لتوحيد صفوفهم لمواجهة المخاطر الجسيمة المتمثلة في سياسات الحكومات المركزية المتعاقبة والتي هي سياسات فرق تسد وأيضاً لمواجهة التحديات الكبيرة المتمثلة في تنمية إقليمنا.
إن لهذه الصراعات أسبابا معروفة تم رصدها في كثير من مؤتمرات الصلح بالإقليم. لقد ظل غياب التنمية في الإقليم مصدراً للاحتكاك حول المصادر الطبيعية والإدارية مما أفضى للاستغلال السياسي والتدخل غير الرشيد للإدارات المركزية طوال عهود الحكم الوطني في السودان في شئون الإقليم. ثم انداحت من ذلك مجموعة من الأسباب ذات تواشج وثيق كالقرارات الإدارية العشوائية التي بذرت بذور الفتنة بين أبناء الإقليم الواحد والتدخلات الأجنبية، وانتشار السلاح وقيام المليشيات والنهب المسلح الذي أصبح وسيلة لحسم الثارات الشخصية والقبلية. ولكن يبقى السبب الأقوى هو تقاعس حكومات المركز، انْ قصداً أو عجزاً، عن أن تضطلع بواجباتها في حماية المواطن في دارفور ورعايته. ففي مواجهة عجز المركز وتواطئه في كثير من الأحيان، لا بد لضمائرنا أن تصحو ولإرادتنا أن تقوى لنتخذ قراراً جماعياً شجاعاً بنبذ الاقتتال إلى الأبد والجنوح للسلم لنؤسس وحدة إقليمية راسخة قوامها المحبة والسلام والمصير المشترك والمستقبل الزاهر لأبنائنا وأحفادنا.
لقد عاش أبناء هذا الإقليم في وئام وسلام قبل أن يكون هنالك سودان في حدوده الجغرافية الحالية، وظل هذا الإقليم مصدر ثروة للسودان كله وفي نفس الوقت كان وسيظل مصدر دفاع عن تراب السودان وشرفه. لقد دفع أبناء هذا الإقليم مع بقية أبناء السودان ثمناً غالياً دفاعاً عن استقلال السودان ووحدته، وسيفعلون. أما في ظروف الاحتراب القبلي الحالية في دارفور فيصبح من الاوجب التفات أبناء الإقليم لقضايا أهلهم الذين تفتك بهم الصراعات القبلية ومواجهة قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذا الإقليم الذي يزخر بالإمكانيات الهائلة ولا يتلقى من المركز سوى الإهمال المتعمد. كما نناشد أهل السودان قاطبة أن يبذلوا ما يستطيعون لدفع نفير السلام الذي ندعو له حتى يعم الأمن والاستقرار ربوع دارفور وفيافيها.
نسأل الله أن يوفقنا لكلمة سواء وأن يشدّ من أزرنا حتى نتجاوز هذه المحن ونتجه نحو بناء الإقليم لنعوض أهلنا ما مضى من سنوات التيه والتبعية والضياع والتهميش الاقتصادي والاجتماعي.
والله المستعان.
يوليو 2002م
أبناء دارفور بالخارج