توضيح الصراط المستقيم في بيان علاقة البدعة بالعدالة والرد على الطيباوي ذي الفهم السقيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن مما يتميز به المنهج السلفي أنه مبني على كتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على منهج السلف الصالح، وهو منهج بريء من الأهواء والبدع، ويحذر المسلم من كل ما يضره، ويدله على كل ما ينفعه ..
ومما حذرت من الشريعة الإسلامية الغراء البدع وأهلها ..
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: « يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ».
وقال العرباض بن سارية رضي الله عنه: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما موعظة بليغة، ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عيها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة».
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».
وقال أبو قلابة: قال عبد الله بن مسعود: « إياكم والتبدع والتنطع والتعمق، وعليكم بالعتيق».
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «عليكم بالاستقامة واتباع الأمراء والأثر، وإياكم والتبدع».
وقال رضي الله عنه : « قصد في سنة خير من اجتهاد في بدعة»
وقد اتفق أهل العلم على حرمة ارتكاب البدع، وأن الابتداع في الدين من كبائر الذنوب، وأن مرتكب البدعة قد وقع فيما يقدح في الدين والعدالة.
قال الصنعاني في توضيح الأفكار(2/284) : « وقد تقرر كون البدعة من الكبائر عند أئمة العلم ودلت عليه عدة أحاديث» .
بل نقل الاتفاق على التعريف الذي ذكره الحافظ ابن حجر والذي فيه ذكر البدعة مما يخل بالعدالة ..
قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر: « والمُرادُ بالعَدْلِ : مَنْ لهُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُهُ على مُلازمةِ التَّقوى والمُروءةِ .
والمُرادُ بالتَّقوى : اجْتِنابُ الأعمالِ السَّيِّئةِ مِن شِرْكٍ أَو فِسقٍ أَو بِدعةٍ» .
وقال الصنعاني: «تفسير العدالة بما ذكره الحافظ ابن حجر تطابقت عليه كتب أئمة الأصول والحديث وإن حذف البعض قيد الابتداع..» إلى آخر كلامه فارجع إليه..
وقال رحمه الله في ثمرات النظر: (ص/52) : « فهذه الأحاديث وأقوال العلماء منادية على أن الابتداع من الكبائر وقد رسموا الكبيرة بما توعد عليه بخصوصه وهو صادق على البدعة».
فجميع ما سبق يدل على أن الابتداع أمره خطير، وأنه من الأمور التي تردي صاحبها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)) قال: من هي يا رسول الله؟ قال : ((الجماعة))
فهذا الحديث يدل على أن هذه الفرق الضالة متوعدة بالعذاب، وهذا من حد الكبيرة، فيكون المبتدع قد تقحم ببدعته كبيرة من كبائر الذنوب..
والبدعة: هي طريقة في الدين تضاهي الشريعة يقصد بها التقريب إلى الله.
أو ما أحدث في الدين من غير دليل.
ومن أمثلة البدع: الطواف حول القبور، والاستغاثة بالمقبور، والحج للمشاهد والمقابر، والقول بأن جميع الموجودات هي الله، ونفي الأسماء والصفات عن الله أو نفي شيء منها مما ثبت بالكتاب والسنة أو أدجمعت عليه الأمة، وتكفير المسلمين بارتكاب الكبائر غير المكفرة، والاعتقاد بأن الإيمان اعتقاد أو اعتقاد وقول وأن العمل ليس منه، وأن إيمان جبريل كإيمان أفجر الناس، وأن الله لا يخلق أفعال العباد، وتكفير الصحابة رضي الله عنهم، وأن علماء أهل السنة منافقون، والتدين بالكذب، وشرب الخمور، وأذية أهل السنة، ونحو ذلك من البدع ..
فمن علم تلك البدع وما أشبهها كيف لا تنخرم عدالة مرتكبها إذا علم الدليل فأعرض عن الحق، واتبع هواه، ولم يرفع بالكتاب والسنة وما عليه السلف رأساً؟!!
فهل الخارجي الذي يعتقد كفر علي ومعاوية رضي الله عنهما ووالى أهل النهروان لو صلى وصام وقام وما نام، وعمل بالحلال وابتعد عن بقية الحرام هل يكون هذا عدلاً تقياً؟!!
ألم تحمله التقوى على تطهير قلبه من الغل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟