ها حدثًا ثقافيًا بارزًا، فإن صاحبها يرى أن عمله الترجمي لن يصل إلى مرحلة الكمال، وإنما سيكون م</SPAN>وجهًا إلى المسلمين الذين لا يحسنون اللغة العربية، ويحسنون اللغة الفرنسية.
وبالرجوع إلى تاريخ الترجمات الفرنسي</SPAN>ة للقرآن الكريم، يتضح لنا أنها مرت بثلاث مراحل رئيسة هي:
1ـ مرحلة الترجمة من اللاتينية إلى اللغة الفرنسية.
2ـ مرحلة الترجمة من اللغة العربية مباشرة إلى اللغة الفرنسية، وهذا مسلك نهجه كثير من المستشرقين الفرنسيين في ترجماتهم للقرآن في القرن العشرين أمثال 'بلاشير' و'بيرك'.
3ـ مرحلة دخول المسلمين ميدان الترجمة إلى اللغة الفرنسية، مثل ترجمة الجزائريين 'لايمش' و'ابن داود'، والتي كانت ـ كما يقول BousQuet ـ بأسلوب بليغ وعجيب. وترجمة 'أحمد يتحاني' العام 1936م، وترجمة 'حميد الله' سنة 1959م، وترجمة الدكتور 'صبحي الصالح' يرحمه الله سنة 1979م.
وفي سنة 1966م، ظهرت ترجمة المستشرق الألماني 'رودي بارت'، وتعتبر أحسن ترجمة للقرآن الكريم باللغة الألمانية، بل باللغات الأوروبية عمومًا، وقد حرص صاحبها على أن يكون عمله علميًا وأقرب ما يكون من الدقة والأمانة في نقل المعاني القرآني من العربية إلى الألمانية حتى إنه حينما تعترضه كلمة يشكل عليها فهمها عل</SPAN>ى الوجه المقصود، أو لا يطمئن إلى قدرته على تحديد معناها باللغة الألمانية، فإنه يثبتها بنصها العربي كما وردت في الآية الكريمة، ولكن بالحروف اللاتينية ليفسح المجال أمام القارئ لأن يتوصل بنفسه إلى إعطائها المعنى الذي يراه ملائمًا لسياق الكلام دون أن يفرض عليه وجهة نظره الشخصية.
هذه أهم الترجمات القرآنية إلى اللغات الأوروبية المختلفة، وهناك ترجمات أخرى كثيرة لا يتسع لنا المقام لذكرها كلها، لكن للمزيد من التوسع في هذا المجال يستحسن الرجوع إلى كتاب 'شوفان'.
ملاحظات عامة على الترجمات الأوروبية للقرآن الكريم</SPAN>
إن المطلع على قائمة الترجمات القرآنية إلى اللغات الأوروبية، يمكن أن يقف على ملاحظات عدة، نرى من الضروري أن نسجل بعضًا مما تبدى لنا منها:
الملاحظة الأولى: لقد كانت الترجمة اللاتينية الأولى للقرآن الكريم، الشرارة الأولى التي فجرت كمًا هائلاً من الترجمات بمختلف اللغات الأوروبية، حيث استمدت منها أصولها ونهجها، فظهرت الترجمة الإيطالية أولاً سنة 1547م أي بعد أربع سنوات فقط من ظهور الترجمة اللاتينية الأولى إلى الوجود، وبعدها بتسع وستين سنة ظهرت الترجمة الألمانية سنة 1616م وهلم جرا.
الملاحظة الثانية: أن المدارس الاستشراقية الكبرى التي كان لها الشأن الكبير في مجال الدراسات القرآنية, نجدها تبرز بشكل واضح في مجال الترجمة القرآنية, كالمدرسة الألمانية, والفرنسية، والإنكليزية، والإيطالية، والهولندية.
الملاحظة الثالثة: اختفاء أسماء كثير من المستشرقين من ذوي الحظ الوافر في الدراسات الموضوعية للقرآن، عن ترجمة القرآن الكريم إلى لغاتهم، كالمستشرق الألماني 'تيودور نولدكه' و'فلوجل' و'براجشترسر'، مع احتفاظ مستشرقين آخرين بمكانتهم وحظهم الوافر في ميدان ترجمة القرآن مثل 'بلاشير'، في حين برزت أسماء أخرى مثل الإيطالي 'جيوفاني بانزير'، والألماني 'أولمان لودفيج'، والهولندي 'جلازماخر'، والفرنسي 'دي ريور' والإنجليزي 'جورج سال'.
الملاحظة الرابعة: مشاركة بعض المسلمين في ترجمة القرآن إلى اللغات الأوروبية المختلفة، مثل 'حميد الله' الذي ترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية، و'صدر الدين' الذي ترجم القرآن إلى الألمانية، و'أحمد علي أمير' الذي ترجم القرآن إلى الإنكليزية.
الملاحظة الخامسة: هناك ترجمات أوروبية، اعتمد فيها أصحابها الترتيب الزمني للسور مثل ترجمة الفرنسي 'بلاشير' والإنجليزي 'روديل' سنة 1861م.
الملاحظة السادسة: عمد بعض المستشرقين في ترجماتهم للقرآن الكريم إلى وضع مقدمات منهجية لترجماتهم وتفسير بعض الألفاظ القرآنية، مثل ما فعل 'أربري' و'بلاشير' و'كزيمر سكي' و'بيرك'.
الملاحظة السابعة: تتناثر بعض الترجمات الجزئية إلى جانب الترجمات الكاملة للقرآن، مثل ترجمة المستشرق السويدي 'سترستين' الذي ترجم فصولاً عدة من القرآن إلى الإسبانية ونشرها في مجلة العالم الشرقي سنة 1911م، وترجمة المستشرق الدنماركي 'بول' الذي نقل أجزاء عدة من القرآن إلى الدنماركية أظهر فيها سعة وإطلاع على الإسلام.
الملاحظة الثامنة: صدور بعض الترجمات بأسماء مستعارة مثل الترجمة الإسبانية التي صدرت الطبعة الأولى منها بقلم OBB، وصدرت الطبعة الثانية بقلم JBB، وأخيرًا صدرت في الطبعتين الثالثة والرابعة بقلم JBBO.
الملاحظة العاشرة: أن الظاهرة الغالبة على الترجمات القرآنية، أن أصحابها كثيرًا ما يصدرونها بالكلام عن تاريخ القرآن، ومصادره وموضوعاته وأحيانًا بالكلام عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل ترجمة 'بلاشير' و'إدوارد مونتيه'.
الملاحظة الحادية عشر: أن الترجمات الأوروبية للقرآن الكريم، كانت من قبل مترجمين يحسنون اللغة التي ترجموا إليها أكثر من اللغة العربية، أو العكس، ولذلك كانت تلك الترجمات الأوروبية معرضة للخلل والنواقص الكثيرة.
الملاحظة الثانية عشرة: أن القرآن الكريم ترجم إلى أكثر من مائة لغة أوروبية تتوزع على الشكل التالي: 57 ترجمة إلى الإنكليزية و42 ترجمة إلى الألمانية، و33 ترجمة إلى الفرنسية.الملاحظة الثالثة عشرة: إعادة نشر وطبع ترجمات معينة طبعات عدة، خصوصًا